في لقاء عفوي وشفاف ( كعادته ) ، ظهر الرئيس بشار الأسد ، شفافية دفعت محاوره (رئيس تحرير الحياة الصحفي غسان شربل ) لأن يبدأ نص اللقاء الذي نشر على دفعتين بكلمة له قال فيها " يشعر زائر دمشق بأن القيادة السورية تملك حالياً من الطمأنينة ما يشجعها على التوجه نحو تقديم نفسها كقوة استقرار، أو قوة مساعدة على الاستقرار، وأنها تفرد لحسابات التعاون الاقتصادي وعائداته مكاناً أكبر في رسم السياسات. وتقارِب الملفات بواقعية أكبر يمكن قراءتها بين السطور إذا غابت الصيغ المباشر ".
وتابع " أريد هنا ان أسجّل ان الرئيس بشار الأسد كان سخياً في الوقت الذي منحه لـ " الحياة "، وأجاب عن كل الأسئلة التي طرحتها " .

لقاء مطول نشر عكس السير جزئيه ( كما نشرته الصحيفة ) ، تناول في طياته مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والثثقافية ، وحتى العائلية .

ومما قاله الرئيس الأسد خلال اللقاء " علاقتي بالناس معروفة في سورية, علاقة مباشرة وعفوية، ليست فيها رسميات، وأنا أميل إلى العلاقة العفوية في عملي وليس في علاقاتي الشخصية، لأنني أعتقد بأنها هي التي تعطيني الصورة الحقيقية عما يحدث في البلد. تفاعل الناس، قراءة وجوههم، هو الذي يعطيك مؤشراً حقيقياً" .

ورداً على سؤال " هل يصلك مقال ينتقدك؟ وألا ينزعج الحاكم من الصحافي الذي ينتقده؟"؛ قال الرئيس الأسد " لا أنزعج، لأنه إذا أراد الحاكم أن يكون واقعياً يجب أن يعرف بالتأكيد أن جزءاً كبيراً هو انتقادات لا يسمعها، فالأفضل أن يسمعها.. الانتقادات موجودة، أم إذا كان عقله منفتحاً فسيستفيد منها لتصويب مساره لأهم من ذلك انه إذا كان يريد أن يتحدث مع الناس، كيف يتحدث معهم وهو لا يعرف ما هي الجوانب السلبية التي ينظرون إليها, وما أعتمده في خطاباتي هو هذه النقطة؛ خطاباتي كلها مبنية على تساؤلات الناس وانتقاداتهم وكنت دائماً في خطاباتي أضع أجوبة أو تبريرات أو تحليلات للنقاط التي تطرح".

وعن لونه المفضل قال الرئيس الأسد "اللون الأزرق", فرد رئيس تحرير "الحياة" غسان شربل ممازحاً "هو إذاً السبب الرئيس لاتفاقك مع سعد الحريري".

وعن الوقت الذي يخصصه لعائلته قال " لا يجوز أن تكون لديك عائلة وليس لديك وقت لها", مشيراً إلى اللقاء الأخير له مع التلفزيون الدانماركي والذي قال فيه "المهم أنه إذا لم يكن لديك وقت للعائلة فلماذا تبني عائلة؟ فإما أن تكون لديك أولويات في الوقت وتعرف كيف ترتبها، وإما أن لا تكون لديك عائلة في الأساس".

وعما يحب أن يقرأه ، قال الرئيس الأسد "أقرأ بشكل عام الأمور العلمية, خارج إطار العلم، وأقرأ مذكرات وبعض القراءات التاريخية عن التاريخ وأحياناً أجلب بعض كتبه خصوصاً من وجهة نظر غربية, كما أحب أن أقرأ التاريخ كيف ينظر إليه الأجنبي لأن نظرته إلى تاريخنا هي التي تجعلك تفهم كيف يفكر تجاهك، فنظرته ليست مرتبطة باليوم, إذا لم تفهم كيف ينظر إلى تاريخك، فمن الصعب أن تفهم كيف يفكر تجاهك".

وعن رياضته المفضلة قال " رياضتي الأساسية هي الدراجات، لكنني الآن ألعب التنس، إضافة إلى رياضة اللياقة التي هي الجري، وبعض التمارين".

وعن سؤال له حول "إجراءات أمنية شديدة لتحركاته ، كأن يذهب لتتناول بيتزا في مكان ما وهل يحتاج ذلك إلى خطة أمن؟", قال إن "خطة الأمن تكون عندما يكون لديك خوف وقلق من الناس. ونحن مررنا بمفاصل صعبة في سورية، والحقيقة أن حماية البلد كانت من الشعب. ليس هناك أمن يحمي بلداً، ولا جيش يحمي بلداً، بل هناك شعب يحمي بلداً. وتبقى تلك أدوات للشعب، عندما يدعمها تنجح، وعندما لا يدعمها تفشل، وفعلياً هذا بالتجربة".

وأوضح "هذا ليس كلاماً شعرياً.. أنا رجل واقعي، بالتجارب، الذي حمى البلد هو الشعب، فليس هناك داعٍ لتلك الإجراءات".

وسأله الصحفي " شربل " : " إذا طلبت إنجاز شيء ولم يُنجز هل تغضب حينها؟" , فرد الرئيس الأسد " أنا هادئ بطبعي ، أولاً يجب أن تفكر لماذا لم يُنجز.. إذا غضبت لا تفكر.. عندما تفكر وأنت غاضب فالتحليل والنتيجة خطأ.. فأولاً يجب أن تحاول إعطاء مبررات للخطأ وأنت تعرف أنه خطأ, ليس التبرير بهدف أن تبقيه وإنما التبرير لتتمكن من إصلاحه. عندما يحدث شيء خطأ تريد أن تصلحه، يجب أن تضع نفسك أولاً مكان المخطئ ومن ثم تستطيع أن تصلح. أنت لا تستطيع أن تصلح من منطلق أنت صح وهو خطأ، هذا كلام غير واقعي".

وأضاف "لا يجوز أن أفعل شيئاً وأعتقد بأنه مطلق، فالنظرة للمطلق هي التي خرّبت العلاقة بيننا نحن العرب في كل شيء مطلق.. إما نحن متطابقون أو متحابون".

وقال الرئيس الأسد " إن أي حاكم لا يقدر أن يحكم من دون الواقع, بل بالتواصل مع الناس", مضيفاً "أنت تستطيع أن تحكم بالتواصل مع الناس وبالقناعة، قناعة الناس وهذا هو جوهر العلاقة لذلك حتى موضوع التطوير.. حتى القانون لا يمكن أن يطبق إذا لم تكن هناك قناعة عند المستويات التي ستطبقه من الموظف إلى المواطن".

واضاف "إذا لم تكن هناك قناعة يفشل أي قانون. فالحكم بالمعنى الشامل يجب أن يعتمد على القناعة والحوار والتواصل وإذا لم تكن لدينا القدرة على التواصل مع الناس فهذا غير ممكن".